كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فقد أنعم الله عليكم وأنتم كافرون مشركون به، تعبدون الأصنام في جاهلية، ومكَّن لكم حياة آمنة في رحاب بيته الحرام، ووفّر لكم رَغَد العيش وأنتم بوادٍ غير ذي زرع حيث يُجْبي إليه الثمرات من كل مكان، فالذي صنع معكم هذا الصنيع أيترككم ويتخلى عنكم بعد أنْ آمنتم به، واهتديتم إلى الحق؟ كيف يكون منكم هذا القياس؟
ومعنى: {نُمَكِّن لَّهُمْ} [القصص: 57] نجعلهم مكينين فيه، كما في قوله تعالى: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} [يوسف: 21] والتمكين يدل على الثبات؛ لأن ظرف المكان ثابت على خلاف ظرف الزمان.
وقال: {حَرَمًا آمِنًا} [القصص: 57] مع أن الأمن لمن في المكان، لكن أراد سبحانه أن يُؤمِّن نفس المكان، فيكون كل ما فيه آمنًا، حتى القاتل لا يُقتصّ منه في الحرم، والحيوان لا يُثار فيه ولا يُصَاد، والنبات لا يُعضد حتى الحجر في هذا المكان آمن، ألاَ تراهم يرجمون حجرًا في رمي الجمرات في حين يُكرِّمون الحجر الأسود ويُقبّلونه.
وحينما نتأمل الحرم منذ أيام الخليل إبراهيم- عليه السلام- نجد أن له خطة، وأن الحق سبحانه يُعدُّه ليكون حرمًا آمنًا، فلما جاءه إبراهيم قال: {رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم} [إبراهيم: 37].
هذا يعني أن المكان ليس به من مقومات الحياة إلا الهواء، لأن نفي الزرع يعني عدم وجود الماء؛ لذلك اعترضت السيدة هاجر على هذا المكان القفر، فلما علمتْ أنه اختيار الله لهم قالت: إذن لن يضيعنا.
وقد رأتْ بنفسها أن الله لم يُضيِّعهم، فلما احتاجت الماء لترضع وليدها وسعتْ في طلبه بين الصفا والمروة سبعة أشواط على قَدْر ما أطاقتْ لم تجد الماء في سَعْيها، ولو أنها وجدته لكان سعيها سببًا إنما أراد الله أنْ يُصدِّقها في كلمتها، وأن يثبت لها أنه سبحانه لن يُضيّعهم من غير أسباب لتتأكد أن كلمتها حق، ثم شاءتْ قدرة الله أن يخرج الماء من تحت قدم الوليد، وهو يضرب بقدمه الأرض، ويبكي من شدة الجوع والعطش، وانبجستْ زمزم.
ولما أسكن إبراهيم أهله في هذا المكان المقْفر أراده لهم سكنًا دائمًا، لا مجرد استراحة من عناء السفر؛ لذلك قال: {رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات} [إبراهيم: 37].
وكأنه- عليه السلام- يريد أن يطمئن على إقامة أهله في هذا المكان، وأن يكون البيت مُصلَّى لله، لا تنقطع فيه الصلاة، وهذا هو الفرق بين بيت الله باختيار الله وبيت الله باخيتار عباد الله.
فالبيت الذي نبنيه لله تعالى قد يُغلق حتى في أوقات الفروض، أما بيت الله الذي اتخذه لنفسه فلا يخلو من الطواف والصلاة في أيِّ وقت من ليل أو نهار، ولا ينقطع منه الطواف إلا لصلاة مكتوبة، فإذا قُضيتْ الصلاة رأيتهم يُهرعون إلى الطواف.
وقد رأيت الحرم في إحدى السنوات وقد دهمه سيل جارف حتى ملأ ساحته، ودخل الماء الكعبة وغطَّى الحجر الأسود، فكان الناس يطوفون سباحة، ورأينا أناسًا يغطسون عند الحجر ليُقبِّلوه، وكأن الحق- سبحانه وتعالى- يريد أن يظلَّ الطواف حول بيته لا ينقطع على أيِّ حال.
كذلك نفهم من قوله تعالى: {تهوي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37].
من الفعل هَوَى يهوي، يعني: سقط؛ لأن الذي يسقط لا إرادةَ له في عدم السقوط، كذلك مَنْ يأتي بيت الله أو يجلب إليه الخيرات يجد دافعًا يدفعه كأنه لا إرادة له.
كما نفهم منها معنى آخر، فكل تكاليف الحق سبحانه ربما تكاسل الناس في أدائها، فمنّا مَنْ لا يصلي أو لا يُزكِّي. إلا الحج حيث قال الله فيه: {وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27] فمجرد أن تؤذن يأتوك.
لذلك نجد من غير القادرين على نفقات الحج من يجوع ويُمسك على أهله ليوفِّر تكاليف الحج، فهو- إذن- الفريضة الوحيدة التي يتهافت عليها مَنْ لم تطلب منه.
ونلحظ أن إبراهيم- عليه السلام- دعا بالأمن للحرم مرتين: مرة في قوله: {رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126] يعني: اجعل هذا المكان بلدًا آمنًا، كأيِّ بلد آمن لا تُقام إلا في مكان يُؤَمِّنون فيه كل مُقوِّمات الحياة، فأيّ بلد لا تُبنى حتى من الكافر إلا إذا كان آمنًا فيها، فالطلب الأول أنْ يتحول هذا المكان الخالي إلى بلد آمن، كما يأمن كل بلد حين ينشأ، وهذا أمن عام.
ثم يدعو مرة أخرى {رَبِّ اجعل هذا البلد آمِنًا} [إبراهيم: 35] بعد أن أصبحتْ مكة بلدًا آمنًا يطلب لها مزيدًا من الأمن، وهذا أمن خاص، حيث جعلها بلدًا حرامًا، يأمن فيها الإنسان والحيوان والنبات، بل والجماد.
وقد وقف البعض عند قوله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97].
وقالوا: أين هذا الأمن، وقد حدث في الحرم الاعتداء والقتل وترويع الآمنين، كما حدث في أيام القرامطة لما دخلوا الحرم، وقتلوا الناس فيه، وأخذوا الحجر، وفي العصر الحديث نعرف حكاية جهيمان، وما حدث فيها من قَتْل في الحرم.
وهذه الآية: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] جملة خبرية غرضها الأمر والحثّ، كأنه تعالى قال: أمِّنوا من دخل الحرم. وهذه ليست قضية كونية، إنما قضية شرعية، وفرْق بين القضيتين: الكونية لابد أن تحدث، أما الشرعية فأمر ينفذه البعض، ويخرج عليه البعض، فمَنْ أطاع الأمر الشرعي لله وأراد أنْ يجعل أمر الله صادقًا يُؤمِّن أهل الحرم، ومَنْ أراد أنْ يكذِّب ربه يهيج الناس ويروعهم فيه.
ومن الآيات التي كثيرًا ما يُسأل عنها في هذا الصدد قوله تعالى: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ والطيبات لِلطَّيِّبِينَ والطيبون لِلْطَّيِّبَاتِ} [النور: 26] يقولون: كثيرًا ما يتزوج خبيث من طيبة، أو طيبة من خبيث، فالواقع لا يتفق مع الآية. نقول أيضًا هنا: هذه قضية شرعية تحمل أمرًا قد يُطاع وقد يُعْصَى، وليست قضية كونية لابد أنْ تأتي كما أخبر الله تعالى بها، ولا يتخلّف مدلولها.
فالمعنى في الآية: إن زوجتُم فزوِّجوا الخبيث للخبيثة، والطيب للطيبة؛ ليتحقق التكافؤ بين الزوجين ويحدث بينهما الوفاق، حتى إنْ عيَّر الخبيث زوجته كانت مثله تستطيع أنْ تردّ عليه، لابد من وجود التكافؤ حتى في القباحة، وإلا فكيف تفعل الطيبة مع الخبيث، أو الخبيث مع الطيبة؟
إذن: فالآية وأمثالها قضية شرعية في صيغة الخبر، وإنْ كانت تعني الأمر، كما تقول عن الميت: رحمه الله بصيغة الماضي، وأنت لا تدري رحمه الله، أو لم يرحمه، إذن: لابد أن المعنى دعاء: فليرحمه الله، قلتها أنت بصيغة الماضي، رجاء أن تكون له الرحمة.
نعود إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا} [القصص: 57] ونلحظ هذا التمكين وهذا الأمن من قصة الفيل، حيث جاء أبرهة ليهدم الكعبة، ويتقدّم الجيش فيل ضخم يقال له محمود، فلما قالوا في أذنه أبرُكْ محمود وارجع راشدًا يعني: انفد بجلدك فإنك ببلد الله الحرام فبرك الفيل واستجاب.
ثم جاءت معركة الطير الأبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول. هذا كله من الأمن الذي جعله الله لقريش فجعلهم كعصف مأكول. هذا كله من الأمن الذي جعله الله لقريش سكان حرمه؛ لتظل الكعبة مسكونة بهم، وما داموا هم سكان الحرم والناس تأتيهم من كل الأنحاء للحج كل عام، فسوف يظل لهم الأمن بين القبائل، ولا يجرؤ أحد على الأعتداء عليهم، أو التعرُّض لقوافلهم في رحلة الشتاء والصيف، وأيُّ أمن، وأيُّ مهابة بعد هذا؟
ومع الحجيج يُجلب الطعام وتُجلب الأرزاق، وصدق الله العظيم: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتاء والصيف فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 1- 4].
وكيف بعد هذا الأمن والأمان يخاف مَنْ يؤمن بمحمد أنْ يُتخطَّف من أرضه؟ إنها مقولة لا مدلولَ لها.
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)}.
كلمة {وَكَمْ} [القصص: 58] كم هنا خبرية تفيد الكثرة، كأنك تركتَ الجواب ليدل بنفسه على الكثرة، كما تقول لمن ينكر جميلك، ولا تريد أنْ تُعدد أياديك عليه: كم أحسنتُ إليك، يعني: أنا لن أُعدِّد، وسوف أرضى بما تقوله أنت لأنك واثق أن الإجابة سوف تكون في صالحك، وعندها لا يملك إلا أن يقول: نعم هي كثيرة. فكم هنا تعني الكثرة، وينطق بها المخاطب لتكون حجة عليه.
ومعنى: {مِن قَرْيَةٍ} [القصص: 58] من للعموم أي: من بداية ما يُقال له قرية {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: 58] البطر: أن تنسى شُكْر المُنعم على نعمه، أي: أنه سبحانه لم يرد ذكره على بالك وأنت تتقلَّبَ في نِعمه، أو يكون البطر باستخدام النعمة في معصية المنعم عز وجل.
ومن البطر أن يتعالى المرء على النعمة، أو يستقلها ويراها أقلّ من مستواه، كالولد الذي تأتي له أمه مثلًا بطبق العدس فيتبرَّم به، وربما لا يأكل، فتقول الأم كما نقول في العامية؛ أنت بتتبطر على نعمة ربنا؟ كلمة في لغتنا العامية لكن لها أصل في الفصحى.
إذن: من البطر أنْ تتجبَّر، أو تتكبر، أو تتعالى على نعمة الله، فلا ترضي بها، وتطلب أعلى منها.
ومعنى {مَعِيشَتَهَا} [القصص: 58] أي: أسباب معيشتها {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} [القصص: 58] فما داموا قد بطروا نعمة الله فلابد أن يسلبها من أيديهم، وإنْ سُلبتْ نِعم الله من بلد هلكوا، أو رحلوا عنها {إِلاَّ قَلِيلًا} [القصص: 58] هم الذين يقيمون بعد هلاك ديارهم.
{وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} [القصص: 58] نرثهم لأنهم لم يتركوا مَنْ يرثهم، وإذا تُرِك مكان بلا خليفة يرثه آل ميراثه إلى الله تعالى.
وفي آية أخرى يعالج الحق سبحانه هذه القضية بصورة أوسع، يقول تعالى: {وَضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله} [النحل: 112] يعني: بطرت بنعمه تعالى: {فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف} [النحل: 112].
ومعنى الكفر بالله: سَتْر وجود الله، والسَّتْر يقتضي مستورًا، فكأن الأصل أن الله تعالى موجود، لكن الكافر يستر هذا الوجود، وهكذا يكون الكفر نفسه دليلًا على الإيمان، فالإيمان هو الأصل والكفر طارئ عليه.
ومثال ذلك قولنا: إن الباطل جُنْدي من جنود الحق، فحين يستشري الباطل يذوق الناس مرارته، ويكتوون بناره، فيعودون إلى الحق وإلى الصواب، ويطلبون فيه المخرج حين تعضُّهم الأحداث.
وكذلك نقول بنفس المنطق: الألم أول جنود الشفاء؛ لذلك نجد أن أخطر الأمراض هو المرض الذي يتلصص على المريض دون أنْ يُشعره بأيِّ ألم، فلا يدرى به إلا وقد استفحل أمره، وتفاقم خطره وعزَّ علاجه، لذلك نسميه- والعياذ بالله- المرض الخبيث.
ففي قوله تعالى: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله} [النحل: 112].
دليل على وجود النعم، ومع ذلك كفروا بها أي: ستروها، إما بعدم البحث في أسبابها، والتكاسل عن استخراجها، أو ستروها عن المستحق لها وضنُّوا لها على العاجز الذي لا يستطيع الكسب؛ لذلك يسلبهم الله هذه النعم ويحرمهم منها رغم قدرتهم.
وهناك أشياء لو ظلت موجودة لأعطتْ رتابة، ربما فهموا منها أن هذه الأشياء إنما تأتيهم تلقائيًا بطبيعة الأشياء، وحين يسلب الله منهم نعمه ويطقع هذه الرتابة، فإنما ليفهموا أن الرتابة في التكليفات تُضعِف الحكمة من التكليف، كيف؟
نقول: الحق- تبارك وتعالى- حرَّم علينا أشياء وأحلَّ لنا أشياء، فمثلًا حرَّم الله علينا الخمر حتى أصبحنا لا نشربها ولا حتى تخطر ببالنا، فأصبحت عادة رتيبة عندنا، والله تعالى يريد أنْ يُديم على الإنسان تكليف العبادة، حتى لا يعتادها فيفعلها بالعادة، فيكسر هذه العادة مثلًا في صوم رمضان.
ويُحرِّم عليك ما كان حلالًا لك طوال العام، وقد اعتدْتَ عليه، فيأتي رمضان وتكليف الصيام ليُحرِّم عليك الطعام الذي كنت تأكله بالأمس، ذلك لتظل حرارة العبادة موجودةً تُشوِّق العبد إليها، وتُعوِّده الانضباط في أداء التكاليف.
ثم يذكر العقاب على الكفر بنعمة الله {فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف} [النحل: 112] والجوع له مظهران: أنْ تطلبه البطن في أول الأمر، فإنْ زاد الجوع ضعُفَتْ الجوارح، وتألمتْ الأعضاء كلها، وذاقتْ ألم الجوع، والله تعالى يريد أنْ يُرينا إحاطة هذا الألم، فشبَّهه باللباس الذي يحيط بالجسم كله، ويلفّه من كل نواحيه.
وهذه سُنَّة الله في القُرى الظالمة، كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى}.
إذن: لابد أن نُعْلِم بالمنهج، ويأتي رسول يقول: افعل كذا، ولا تفعل كذا، حتى إذا حَلَّ العذاب بالكافرين يكون بالعدْل، وبعد إلزامهم الحجة، لا أنْ نترك الناس يذنبون، ثم نقول لهم: هذا حرام.
وسبق أنْ قُلْنا ما قاله القانون: لا عقوبة إلا بتجريم، ولا تجريم إلا بنصًّ، ولا نصَّ بإعلام. وما كان الله ليهلك قرية ظلمًا، إنما عقوبةً لهم على ما فعلوا.
والقرية لها تسلسل فنقول: نَجْع وهو المكان الذي تسكنه أسرة واحدة، وكَفْر لعدة أسر، ثم قرية ثم أم القرى وهي الحضر أو العاصمة، وقد نزل القرآن في أمة مُتبدية، تعيش على الترحال، وتقيم في الخيام تتنقل بها بين منابت الكلأ، فقالوا أم القرى للمكان الذي تجد به القرى، وتتوفر فيه من مقومات الحياة ما لا يوجد في النجوع والكفور والقرى الصغيرة، كما يعيش الآن أهل الريف على قضاء حوائجهم من البندر، كأنّ أُمّ القرى لها حنان، يشمل صغار البلاد حولها. اهـ.